التنمية دائما DimaTanmia
مرحبا بك هذا المنتدى مختص في قضايا التنمية وما يرتبط بها
لايمكنك التحميل حتى تسجل اسم الدخول
يمكنك طلب اي موضوع سوف نرسله لك
مجموعة التنمية دائما

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

التنمية دائما DimaTanmia
مرحبا بك هذا المنتدى مختص في قضايا التنمية وما يرتبط بها
لايمكنك التحميل حتى تسجل اسم الدخول
يمكنك طلب اي موضوع سوف نرسله لك
مجموعة التنمية دائما
التنمية دائما DimaTanmia
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مجموعة منتديات التنمية دائما
http://associations.alafdal.net/ http://developpement.ibda3.org https://www.facebook.com/dimatanmia.dt
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

مجموعة منتديات التنمية دائما
http://associations.alafdal.net/ http://developpement.ibda3.org https://www.facebook.com/dimatanmia.dt

التنمية الاقتصادية من منظور إسلامى

اذهب الى الأسفل

  التنمية الاقتصادية من منظور إسلامى  Empty التنمية الاقتصادية من منظور إسلامى

مُساهمة من طرف Admin السبت 23 يونيو 2012 - 7:43

بسم الله الرحمن الرحيم
التنمية الاقتصادية من منظور إسلامى

د. حسن محمد ماشا عربان
المقدمة :-
إن التنمية مصطلح حديث ، وهي أفكار بشرية جاءت فى فترة من تاريخ الانسانية وظهرت في مجتمع له مميزاته الثقافية ومعتقداته الفكرية من أهمها إبعاد الدين عن النشاط الاقتصادى العام (فقه المعاملات ) . ولقد جاءت هذه الافكار العلمانية في ظل استعمار العالم العلمانى للمجتمع النامى ، والاستيلاءه على خيراته . مما خلق تخلفا مادياً وروحياً فى هذا المجتمع . نتيحة لازدواجية المعاير والتبادل غير المتكافىء للموارد ، واحتكار التكنلوجيا . فضلا عن تدهور البيئة ونقص الغزاء واتساع دائرة الفقر فى العالم وإهدار موارد الاجيال القادمة .
وبالتالى أصبح الفكر التنموى السائد غير صالح لكى يخدم مصالح الدول النامية بصفة عامة ، والدول الاسلامية على وجه الخصوص . بل ثبت أن الفكر التنموى الوضعى كان أحد أهم عوائق التنمية فى هذه الدول . كما ثبت أيضاَ أنه سبب للأزمات الاقتصادية المتنوالية فى العالم أجمع . وأصبح البحث عن أفكار غير الأفكار التنموية السائدة ، هدف تنشده كل مجتمعات العالم المعاصر فضلا عن المجتمعات الاسلامية .
وللبحث عن أفكار تنموية متسقة مع قيم الشريعة الاسلامية . لابد من التمسك بالقيم التنموية التي أرساها الله تعالى فى كتابه الكريم وفسرتها السنة المطهرة . واجتهد فقهاء المسلمين فى إبرازها ، والدعوة للتعامل بمقتضاها . وهذا يقتضى دراسة هذه القيم التنموية ، من حيث المفاهيم والمبادىء والأهداف والخصائص ، لإبرازها للمجتمع للعمل بها كبديل اسلامى للقيم الوضعية السائدة .



مشكلة البحث :- تتلخص مشكلة البحث فى الحاجة إلى دراسة علمية تحليلية تتناول نظرة الاسلام للتنمية الاقتصادية من خلال ماورد فى القرآن والسنة المطهرة من مفاهيم تعبر عن التنمية الاقتصادية من وجهة نظر شرعية . ومن خلال أفكار وآراء الفقهاء والمفكرين المسلمين ونظرتهم لمفهوم التنمية من منظور اسلامى . من أجل الوصول إلى القواعد الشرعية التي من خلالها يمكن الاجابة على هل هنالك مفهوم اسلامى محدد للتنمية الاقتصادية ؟ وهل للتنمية فى الاسلام مبادئه تلتزم بها ؟ وأهداف تسعى لتحقيقها ؟ وهل هنالك خصائص تميزها عن الافكار الوضعية السائدة ؟
فرضية البحث : تفترض الدراسة أن للتنمية الاقتصادية فى الاسلام مفاهيم محددة ومبادىء ملزمة وأهداف تريد تحقيقها وخصائص تميزها عن المفهوم الوضعى .
هدف البحث : يهدف البحث إلى محاولة ابراز مفاهيم ومبادىء وأهداف وخصائص التنمية الاقتصادية فى الاسلام . وبيان كيفية الاستفادة من هذه المفاهيم فى تحقيق التنمية فى المجتمع المسلم . لكى تكون نموذج عملى للمجتمع الانسانى ليهتدى بها .
المنهج العلمى :- يستخدم الباحث المنهج التاريخى لاستنباط الأفكار والمفاهيم الاسلامية التى تناولت موضوع التنمية الاقتصادية . ومن أهم المصادر العلمية التى يركز عليها الباحث : كتب تفسير القرآن الكريم والأحاديث القدسية والنبوية المطهرة ، وكتب فقهاء وعلماء المسلمين التى تناولت موضوع التنمية الاقتصادية
محتويات الدراسة : على ضوء ما سبق تقع الدراسة في أربعة مباحث : المبحث الأول يتناول مفهوم العمارة فى الاسلام . وفي المبحث الثاني يتم تناول مبادىء التنمية الاقتصادية فى الاسلام . وفى المبحث الثالث أهداف التنمية الاقتصادية فى الإسلام والمبحث الاخير يتناول خصائص التنمية فى الاسلام . ثم النتائج والتوصيات .

المبحث الأول : مفهوم العمارة في الإسلام
لم يرد لفظ التنمية الاقتصادية في الكتاب والسنة . ولكن كثيرا ما تناول القرآن الكريم السلوك الاقتصادي وإحاطته به ، وفرضية أن يكون هذا السلوك رشيداً في مجال الكسب والإنتاج والاستهلاك . ولم يستخدم القرآن الكريم مصطلح النمو أو التنمية ، ولكن هنالك العديد من المصطلحات التى تدل على النمو أوالتنمية والتي منها : الإعمار، والابتغاء من فضل الله ، والسعي في الأرض ، وإصلاح وإحياء الأرض وعدم فسادها ، والحياة الطيبة ، والتمكين . ويعتبر مصطلح العمارة ، والتعمير من أصدق المصطلحات تعبيراً عن التنميةالاقتصادية فى الاسلام .
لقد جاء فى الاسلام لفظ "عمارة الأرض" كمفهوم ذو دلالة أوسع من المفهوم الوضعى للتنمية التى تنحصر فى الانتاج المادى وتغفل الحاجات الروحية ويختل فيها التوزيع ، ولايتمتع كل الافراد بحد الكفاية فى الدخل . قال تعالى : ((..هوأنشأكم من الأرض واستعمركم فيها..)) . فالآية تؤكد على وجوب عمارة الأرض . واستعمركم فيها يعني أمركم بعمارتها بما تحتاجون إليه . كما قال الجصاص أن ذلك فيه الدلالة على وجوب عمارة الأرض للزراعة والغرس والأبنية " . والطلب المطلق من الله تعالى يكون على الوجوب" . فاستعمركم فيها أي جعلكم عمارها وسكانها . قال مجاهد : ومعنى استعمركم أعمركم من قوله أعمر فلانا داره فهي له عمري . وقال قتادة : أسكنكم فيها . وقال الضحاك : أمركم بعمارة ما تحتاجون إليه فيها من بناء مساكن وغرس أشجار . وقيل المعنى : ألهمكم عمارتها من الحرث والغرس وحفر الأنهار . وقال ابن العربي : قال بعض علماء الشافعية : الاستعمار طلب العمارة ، والطلب المطلق من الله تعالى على الوجوب . فقوله تعالى استعمركم فيها، خلقكم لعمارتها . وقال الشوكانى فى فتح القدير : هو أنشأكم من الأرض أي ابتدأ خلقكم من الأرض لأن كل بني آدم من صلب آدم وهو مخلوق من الأرض ، واستعمركم فيها أي جعلكم عمارها وسكانها . ويقول الزمخشرى فى الكشاف هو أنشأكم من الارض : لم ينشئكم منها إلا هو ولم يستعمركم فيها غيره ، وإنشاؤهم منها خلق آدم من التراب ، واستعمركم فيها أمركم بالعمارة ، والعمارة متنوعة إلى واجب وندب ومباح ومكروه . وكان ملوك فارس قد أكثروا من حفر الأنهار وغرس الأشجار وعمروا الأعمار الطوال مع ما كان فيهم من عسف الرعايا فسأل نبي من أنبياء زمانهم ربه عن سبب تعميرهم فأوحى إليه إنهم عمروا بلادي فعاش فيها عبادي .
ولقد استخدم على بن أبى طالب لفظ العمارة للدلالة على معنى أعمق للتنمية الاقتصادية بمفهومها المعاصر فى خطابه لواليه في مصر مالك بن الحارث الأشتر : جاء فيه : " وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب خراجها ، لان ذلك لا يدرك إلا بالعمارة . ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد ، ولم يستقم أمره إلا قليلاً ، " . كذلك استخدم قاضي القضاة " أبي يوسف " لفظ العمارة فى نصيحته لأمير المؤمنين هارون الرشيد جاء فيها : " إن العدل وإنصاف المظلوم ، وتجنب الظلم مع ما في ذلك من الأمر ، يزيد به الخراج ، وتكثر به عمارة البلاد " . وكذلك فأن "أبو يوسف" في كتابه (الخراج) جعل الإعمار والتنمية في مقابل الخراب والفساد ونادي بدور متقدم للدولة في العمران . كما دعا إلى تقاسم تكاليف (النمو) بين الفرد والدولة من أجل تخفيف كاهل التنمية ، وسحب المواطن عن الكسل والإتكال ، والدفع به للمساهمة في دور عمراني مع بقية أفراد المجتمع . ويرى " الماوردي " : أن من مستلزمات السلطان عمارة البلدان باعتماد مصالحها وتهذيب سبلها ومسالكها . غير أنه يلزمها بالعدل ، حيث ينعدم نجاح المشروع الإنمائي إذا لم يصطبغ بالعدل الشامل الذي يعمر البلاد وينمي الأموال . ويقول المقريزى : " عندما يتقلص العدل مع هيمنة الفساد والحبور والاغتصاب في كل مواطن الحكم والإدارة يتوقف الإعمار وتحدث الأزمات ويحل البوار بالديار " .
ويقوم مفهوم عمارة الارض فى الاسلام على شرط الخلافة فى الارض . قال تعالى : (وقال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) وتبعية الاستخلاف تعني تسخير الموارد الطبيعية (الأرض ) للانسان ليعمل على انتاج السلع والخدمات لخدمة الخلق المستخلفين . وتمكين الانسان من هذه السلع والخدمات ، تمكين استعمال أو ملكية انتفاع ، قال تعالى (ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلاً ما تشكرون) وعمارة الارض لا تقوم إلا بالعمل لان العمل هو شرط الملكية . وكل عمل ابن آدم محاسب عليه. قال تعالى (ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون) .
ويتبع الاستخلاف أيضاً اتباع الضوابط التى وضعتها الشريعة لتنظيمً شئون الانتاج والتى يمكن حصرها فى الآتى :-
1- الايمان بأن الله هو المالك الحقيقي لهذه الارض وهو المتصرف فيها كيفما شاء والإنسان مستخلف عليها . فعليه استخدامها وتنميتها بالقدر الذي يمكنه من عمارة الأرض التي استخلفه الله فيها وأمره بعمارتها قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم..) جاء في تفسير ابن كثير: (أي جعلكم تعمرونها جيلاً بعد جيل وقرناً بعد قرن وخلفاً بعد سلف . كقوله تعالى: (وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) وكقوله تعالى: (وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأرض ..) . وقوله عز وجل: (عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) .
2- الايمان بان الله سخر للإنسان ما في الكون لخدمة الإنسان ولمزاولة النشاط الاقتصادي قال تعالى: (اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ* وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ* وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) . جاء في تفسير القرطبي: (الله الذي خلق السموات والأرض أي أبدعها واخترعها وأنزل من السماء . أي من السحاب ماء فاخرج به من الثمرات أي من الشجر ثمرات رزقاً لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الانهار يعني البحار العذبة لتشربوا منها وتسقوا وتزرعوا والبحار المالحة لاختلاف المنافع من الجهات . وسخر لكم الشمس والقمر دائبين أي في اصلاح ما يصلحانه من النبات وغيره . والدؤوب مرور الشيء في العمل على عادة جارية وقيل دائبين في السير امتثالاً لأمر الله والمعنى يجريان إلى يوم القيامة لا يفتران . روى إبن عباس : وسخر لكم الليل والنهار أي لتسكنوا في الليل ولتبتغوا من فضله في النهار كما قال : ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله . وقوله تعالى وآتاكم من كل ما سألتموه أي اعطاكم من كل مسئول سألتموه . وإن تعدوا نعمة الله أي نعم الله لا تحصوها ولا تطيقوا عدها ولا تقوموا بحصرها لكثرتها . وهذه النعم من الله فلم تبدلون نعمة الله بالكفر وهلا استعنتم بها على الطاعة إن الإنسان لظلوم كفار ) .
3- أن يؤدي الخلق حقوق المال للمجتمع في صورة الصدقات المفروضة ، وعلي رأسها الزكاة والصدقات التطوعية والكفارات وغيرها من النفقات، تحقيقاً لعدالة التصرف في المال وإقامة للتكافل الإجتماعي . والحديث عن النبي (ص) قال : " اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول وخير الصدقة عن ظهر غنى ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله "
4-إستغلال الموارد فى المساعدة الانسان على عبادة الله تعالى . فعمارة الارض لاتركز على الحاجات المادية فقط . وانما هنالك الحاجات الروحية التى هى أصل الحياة قال تعالى : ( وما خلقد الجن والأنس إلا ليعبدون * لا أريد منهم رزق ولا أريد أن يطعمون ) . ولقد جاء فى تفسير القرطبى : ليعبدون ليذلوا ويخضعوا ويعبدوا . ما أريد منهم من رزق من صلة أي رزقا بل أنا الرزاق والمعطي . وقال بن عباس وأبو الجوزاء أي ما أريد أن يرزقوا أنفسهم ولا أن يطعموها . وقيل المعنى ما أريد أن يرزقوا عبادي ولا أن يطعموهم إن الله هو الرزاق . فعمارة الأرض توازن بين متطلبات الروح وحاجات الجسد لضمان حياة فاضلة مقبولة عند الله تسهل الطريق الى الجنة .
5- تنمية المال عن طريق السعى والضرب فى الارض وابتقاء من فضل الله قال تعالى : (اذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الارض وابتقوا من فضل الله) . جاء فى تفسير القرطبى : فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض هذا أمر إباحة ، كقوله تعالى( وإذا حللتم فاصطادوا ) يقول إذا فرغتم من الصلاة فانتشروا في الأرض للتجارة والتصرف في حوائجكم وابتغوا من فضل الله ، أى من رزقه .
وعلى ضوء ما تقدم يمكن تعريف التنمية الاقتصادية فى الاسلام بأنها هى : " إستغلال المجتمع لخيرات الأرض (النعم التى سخرها الله تعالى له) بالعمل الصالح تنفيزاً لشرط الخلافة والتمكين ، وتحويلها إلى سلع وخدمات لإشباع الضروريات عند حد الكفاية لكافة أفراده عبر تشغيل كامل وتوزيع عادل " .
كما يمكن تعريف التخلف الاقتصادى بأنه هو : " عدم قدرة المجتمع (المستخلف) للوفاء بحاجاته الضرورية . مما أدى إلى نقص فى حد الكفاية النسبى لأفراده ، بسبب عدم قيامه بواجب الخلافة (عمارة الأرض ) وعزوفه عن استثمار الموارد المتاحة (الخيرات والنعم المسخرة له) " .


















المبحث الثانى : مبادىء التنمية في الإسلام
يمكن حصر مبادئ التنمية الاقتصادية فى الاسلام فيما يلي :
أولاً: الملكية المزدوجة :-
الملكية فى الاسلام مزدوجة ، فهى ملكية فردية (القطاع الخاص) و ملكية جماعية أو ملكية الدولة (القطاع العام ) . ولقد وضع الاسلام القواعد التى تنظم الملكية و تحميها . فإذا لم يحسن الفرد استثمار ماله أو انفاقه فى مصلحته ومصلحة الجماعة ، فإن ذلك يعرضه لفقدان الملكية ، قال (ص) " من أحيا أرضة ميتة فهى له " والموات والميتة والموتان بفتح الميم والواو الأرض الدارسة . قاله أبو محمد في المغني : هى الأرض التي لم تحي بعد . . فضلا عن ان الاسلام دعى إلى استغلال الملكية الفردية لصالح المجتمع ونهى أن تكون الملكية الفردية سببا فى ضرر المجتمع . فلقد نهى الإسلام عن اكتناز المال وحبسه عن الإنتاج والتداول وعدم انفاقه فى سبيل الله . قال تعالى: ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) . ولذلك قيد الإسلام الملكية الفردية بقيود كثيرة ، فيحق لصاحبها أن يتصرف فيها ضمن حدود وقيود لا يجوز له أن يتعداها.
ولقد وضع القرآن العديد من المفاهيم التى تنسب الملكية إلى الله تعالى ، أو إلى الجماعة، بينما مفاهيم أخرى تنسب الملكية للأفراد . أما الآيات التي تنسب الملكية إلى الله كثيرة ، منها قوله تعالى: (وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا) (وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) (وآتوهم من مال الله الذي اتاكم) . أما الآيات التى تنسب الملكية إلى الأفراد قال تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) . (وفى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) . والحكمة من نسب الاسلام الأموال الى الله وللجماعة والفرد هى :
1- أن إضافة ملكية المال إلى الخالق ضمان لتوجيه المال إلى نفع العباد أي توجيهه لتحقيق أهداف التنمية الإسلامية المستدامة . كما أن إضافة ملكية المال إلى الأفراد ضمان لتوجيه المالك للانتفاع بما يملكه من مال وفق الحدود التي شرعها الله له ، أي الحدود التى لا تضر بمصالح الآخرين .
2- أن الإسلام دين المسئولية قال تعالى: (كل نفس بما كسبت رهينة) ولا يقبل الإسلام أن مسئولية البشر عن المال الذي سخره الله لهم مسؤولية غير محدودة لذلك عمد إلى اقرار الملكية الفردية ليسأل كل فرد عن حق الجماعة والمال بين يديه ، وجعل ولي الامر مسؤولا عن حق الجماعة وأموال الأفراد .
3- أن الإسلام دين الفطرة وفطرة الإنسان تتوقف على التملك ، لذلك عمد الإسلام إلى ربط المال بملكية الأفراد حتى يحفزهم على تنمية المال الذي بحوزتهم وبالتالى يسهموا فى عمارة الأرض ويحققوا واجب الاستخلاف .
4- يقوم تحقيق التنمية الاقتصادية فى الاسلام على أساس تعاون الفرد والمجتمع والدولة معا بحيث يكمل كلاهما الآخر ولا يغنى أحدهما عن الآخر . ومن هنا كان اعتراف الإسلام بالملكية المزدوجة (الخاصة والعامة) . فكلاهما على قدم المساواة يتحملان معا مسئولية عمارة الارض ، كل فى مجاله ، بحيث يكمل كل منها الآخر.

ثانياً: الحرية الفردية المقيدة :-
الحرية في النظام الإسلامي محدوده بحدود من القيم المعنوية والاخلاقية التي أوصي بها الإسلام . فالإسلام يسمح للأفراد ممارسة حرياتهم ضمن القيم والمثل الاخلاقية . ونجد هنالك آيات وأحاديث كثيرة تؤكد أن الاخلاق الكريمة هي القاعدة الأساسية التي ينطلق فيها الإسلام ويعبر بها عن مبادئه وأحكامه في الاجتماع والاقتصاد والسياسة والقانون وغيرها . فالاسلام حين يعترف بالحرية الفردية للإنسان في كل مجال تعبيراً عن احترامه للذات الإنسانية ، لا يدع هذه الحرية مطلقة بدون حدود ، بل يقيدها بقيود كثيرة تكفل سعادة المجتمع باكمله . هذه القيود هي نظم التكافل الاجتماعي التي تجعل الفرد مسؤولاً عن المجتمع الذي يعيش فيه، لأنه جزء منه والجزء لا ينفصل عن الكل . والغاية العليا هي سعادة الكل قبل سعادة الجزء . أى سعادة المجتمع قبل سعادة الفرد ، ولا يعترف الإسلام بسعادة فردية تقوم على شقاء أو ضرر الآخرين .
ويقوم مبدأ التحديد الموضوعى للحرية فى الاسلام على أنه لا حرية لفرد فيما نصت عليه الشريعة الاسلامية . فالشريعة منعت كل نشاط اقتصادى يعيق القيم والمثل التى يتبناها الاسلام كالربا والاحتكار والغش وأكل أموال الناس بالباطل وغيرها.. كذلك وضعت الشريعة مبدأ ولاية ولى الأمر على النشاط الاقتصادى العام وتدخل الدولة لحماية المصالح العامة وحمايتها ، وتقييد الحرية الفردية لصالح الجماعة .



ثالثاً: العمل أساس الملكية :-
العمل هو أساس الملكية فى الاسلام . لذلك حث الاسلام المسلمين على العمل بالانتشار في الأرض والمشي في مناكبها والاكل من رزق الله . وهو حث على العمل . قال تعالى Sadهو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور) وقال تعالى (وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله) .. والامر المباشر بالعمل بقوله تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) كما حثت السنة الشريفة على المبادئ والقيم التي تخدم التنمية عندما تؤكد قيمة العمل كأساس للملكية . قال (ص) (ما من مسلم غرس غرساً فيأكل منه إنسان أو طير إلا كان به صدقة) وقال (ص)(ما أكل أحد طعاماً قط من أن يأكل من عمل يده وأن نبي الله داؤود كان يأكل من عمل يده) . قال تعالى : (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون) .
والعمل هو : " كل جهد مشروع يبذله الإنسان ذهنياً أو بدنياً . لايجاد المنفعة المعتبرة شرعاً من سلع وخدمات ذات قيمة لاشباع حاجات المجتمع المادية والمعنوية، نظير أجر أو تبرع " .
لكى يكون العمل صالحا ، يتطلب ذلك الايمان الذي يضع العامل تحت رقابة الله تعالى ، وهى فوق رقابة رب العمل حيث يرجو أجر الآخرة قبل أجر الدنيا . فيؤدي عمله بأمانة واخلاص واتقان واحسان ابتغاء وجه الله وبذلك تجتمع الثروة المادية مع الثروة الروحية . ولذا دعا الإسلام للعلم والايمان معاً . قال تعالى : ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة ولايظلمون نقيرا ) (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم ) . فالإيمان دافع أساسى للعمل علاوة على دافع المصلحة الشخصية . كما أن الايمان ضمان لزيادة إنتاجية العمل وجودته . وأن قيمة الزيادة والجودة يمثلان في الحقيقة قيمة الثروة المادية والمعنوية . لذا نجد العمل في الإسلام شامل للانتاج المادي والانتاج المعنوي . كما أن مبدأ العمل أساس الملكية يأكد أن الأسلام يرفض أى كسب من غير عمل . حتى البطالة والمسألة . قال (ص) : " لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه " .
رابعاً: التخصص وتقسيم العمل :-
ويرى الاسلام أن تحقيق الوفرة والجودة معاً فى الانتاج يتطلب تقسيم العمل أو التخصص . وقد حث عليه الإسلام ودعا إليه . وقاعدة التخصص الشرعية تقول: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) . فأنواع الصناعات والخبرات الفنية التي تحتاجها الأمة إذا لم يقم بها الناس أثمت الأمة بأكملها ، وأصبحت فرض عين على كل مسلم .
ولكى يسهم العمل فى نفع صاحبه وتوفير الحاجات لكل المجتمع لابد من أن يتخصص كل فرد فى العمل الذى يبدع فيه ، ولديه القدرة على إنجازه . ولا يقوم التخصص إلا بالعلم ، فزيادة الانتاج (الثروه ) يتوقف على وفرة عناصر الإنتاج وأهمها عنصر العمل (القوة البشرية ) والذى يمثل العامل والمنظم والمستثمر للمال ، والمالك للارض .. ووفرة عنصر العمل وحدها ليست كافية مالم يصحبها العلم . لأن العلم يسمح بزيادة الانتاج والانتاجية لعنصر العمل ويسهم فى مزيد من التخصص اللازم لتوفير الحاجات الانسانية المتجدد والمتغيرة والمتطورة . فالإسلام أهتم بتقسيم العمل من خلال تعدد صيغ التمويل الاسلامى : كالمشاركة والمضاربة والمرابحة والسلم والمساقاة والمزارعة والاستصناع . لتمويل المشروعات المختلفة زراعية كانت أم صناعية أو تجارية أو خدمية . كما جعل العلم أولوية لعمارة الارض ولاشباع الحاجات الروحية والمادية . ومن الأسس التى وضعها الاسلام لتنمية عنصر العمل والتخصص من أجل بذل العمل الصالح لانتاج الطيبات :-
1- لقد أكد الاسلام على أهمية الفقه والعلم ودعى لسعى لطلبه منذ اللحظات الأولى لنزول الوحى . قال تعالى : (اقرأ باسم ربك الذى خلق ) . وقال تعالى Sadقال له موسى هل أتبعك على أن تعلمنى مماعلمت رشدا ) . والحديث : عن أبي موسى عن النبي (ص) قال : " مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه " .
2- كما أكد الاسلام على أن تعليم وتأهيل المورد البشري يسهم فى الاستغلال الامثل للموارد الطبيعية قال تعالى : (قالوا يا ذا القرنين إن ياجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجاً على أنت جعل بيننا وبينهم سداً * قال ما مكني فيه ربي خير فاعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما * آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله ناراً قال آتوني افرغ عليه قطراً * فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا * قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا) . أي أن ذا القرنين رفض الخرج وأصر على أن يعلمهم في ظل امكانياتهم ، تكنولوجيا مناسبة يدرءون بها الشر عن أنفسهم .
3- إعداد العنصر البشري بالقيم والمثل والاخلاق والسلوك عن طريق تربيته تربية اسلامية صحيحة وتعريفه أن كسب المال يتم بالحلال ، وأن يوجه جهده للانتاج الطيبات . الحديث قال (ص) : " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " .
4- الايمان بالتفاوت فى الأرزاق ، وبتسخير الناس لبعضهم البعض ومن هنا يجب على الفرد المسلم السعي لكسب الرزق امتثالاً لامر الله والرضى بما قسمه الله وفق حكمته وعدله وعلمه بما هو صالح لهم قال تعالى: (َهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) جاء في تفسير ابن كثير: " أي نحن نتصرف فيما خلقنا كما نريد بلا ممانع ولا مدافع ولنا الحكمة البالغة والحجة التامة في ذلك " . وقد جاء فى الحديث القدسى : " أن الله سبحانه وتعالى قال : إن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الغني ولو افقرته لافسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الفقر ولو اغنيته لافسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الصحة ولو اسقمته لافسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا السقم ولو صححته لافسده ذلك . إني أدبر عبادي بعلمي بقلوبهم إني عليم خبير " .
5- الإيمان بان مزاولة النشاط الاقتصادي عبادة وهو محاسب عليها . قال تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) . جاء في فتح القدير: أي لنسألن هؤلاء الكفرة أجمعين يوم القيامة عما كانوا يعملون في الدنيا من الأعمال التي يحاسبون عليها ويسألون عنها . وقيل إن المراد سؤالهم عن كلمة التوحيد والعموم عما كانوا يعملون يفيد ما هو أوسع من ذلك . وقيل إن المسئولين هنا هم جميع المؤمنين والعصاة والكفار .
6- اعداد العنصر البشري علمياً وفنياً وتشجيع الابتكار. ولابد من تعليم العنصر البشرى العلوم و أحكام الشريعة فى مجال تخصصه ، حتى لا يقع في محظور أو شبهة حرام . قال تعالى : (..فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينزروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون ). جاء في تفسير القرطبى : أن الجهاد ليس فرض كفاية كما تقدم ، إذ لو نفر الكل لضاع من وراءهم من العيال فليخرج فريق منهم للجهاد وليقم فريق يتفقهون في الدين حتى إذا عاد النافرون أعلمهم المقيمون ما تعلموه من أحكام الشرع وما تجدد نزوله على النبي (ص) . وهذه الآية أصل في وجوب طلب العلم "
7- توفير فرص العمل وفرضه على كل قادر منعا لأى نوع من البطالة ، فالاسلام يحث الأفراد على اكتساب الرزق عن طريق العمل والسبيل الحقيقي للتنمية لا يكون إلا بتعبئة الطاقات البشرية لتوفير العمل لكل قادر يضمن تشغيل كافة الموارد الانتاجية للمجتمع . يعتبر أن توفير الأعمال من واجبات الراعي على رعيته .
8- البحث عن العمل حتى وإن أدى ذلك للهجرة الخارجية . قال تعالى Sad إن الذين تتوفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ..) وقال تعالى : ( ومن يهاجر فى سبيل الله يجد فى الارض مراغم كثيرة وسعة ) جاء فى تفسير القرطبي : ألم تكونوا متمكنين قادرين على الهجرة والتباعد ممن كان يستضعفكم وفي هذه الآية دليل على هجران الأرض التي يعمل فيها بالمعاصي . وروى عن النبي (ص) أنه قال : " من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا استوجب الجنة " . وقال السدي : المراغم المبتغي للمعيشة وقال إبن القاسم : سمعت مالكا يقول : المراغم الذهاب في الأرض . وسعة أي في الرزق . قاله إبن عباس والربيع والضحاك . وقال قتادة : المعنى سعة من الضلالة إلى الهدى ومن العيلة إلى الغنى .
خامساً : انتاج السلع والخدمات المعتبره شرعاً :-
من الخصائص المميزة لمنهج التنمية فى الاسلام أنها تنتج الطيبات من السلع والخدمات . ولاتنتج الخبائث . فالتنمية فى الاسلام لا تنتج السلع والخدمات المحرمة شرعاً . بل تعمل على محاربة دخولها إلى المجتمع المسلم عبر التبادل والمعاملات التجارية أو التهريب وغيره .
سادساً : انتاج الحاجات الضروريات أولاً :-
الإنتاج فى الاسلام هو: " بذل الجهد والعمل على استغلال الموارد (الأرض) لتوفير المنافع (الطيبات) لاشباع حاجات المجتمع الشرعية " . ومن مبادئى التنمية فى الاسلام أن هنالك أولوية للانتاج حيث يبدا أولاً بإشباع الحاجات الضرورية ، ثم الحاجية ثم التحسينية . ويمكن توضيح الحاجات بمستوياتها الثلاثة كما يلى : -
1- الضروريات : وهي حاجات لحفظ الأركان الخمسة للحياة الفردية والإجتماعية من المنظور الإسلامي ، وهي التي لابد منها لقيام مصالح الدين والدنيا ، بحيث اذا فقدت لن تجري مصالح الدنيا على استقامة . بل على فساد وفوت حياة . وفي الآخرة فوت النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين . فأصول العبادات راجع الي حفظ الدين . والعادات راجعة الي حفظ النفس والعقل من جانب الوجود كتناول المأكولات والمشروبات والملبوسات . والمعاملات راجعة الي حفظ النسل والمال . وهي الضروريات التي أجملتها كمقاصد للشريعة الغراء فى : حفظ للدين والنفس والنسل والعقل والمال . يعمل الانتاج فى الاسلام على إشباع هذه المقاصد أولاً كأولوية قصوى .
2- الحاجيات : وهي حاجات لاتتوقف عليها الاركان الخمسة للحياة ولكن تتطلبها الحاجة من أجل التوسعة ، ورفع الحرج ودفع المشقة . كإباحة الصيد ، والتمتع بالطيبات من إضافة فى الماكولات والمشروبات والملبوسات والمساكن وغيرها من الطيبات المباحة شرعاً .
3- التحسينات : وهي حاجات لاتصعب الحياة بتركها . ولكن عدم تناولها يقل الحياة . ومعناها الاخذ بما يليق من محاسن وعادات . وهي ماتقتضيه المروءة بحيث لايختل نظام الحياة بفقدها ، كالضروريات . ولاينال الحرج ، كالحاجيات. وإنما مخصصة لرفع معيشة الناس . وهي الطيبات المباحة يتمتع بها عباد الله دون إسراف أو تبذير . قال تعالى : (قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) . والزينة هنا الملبس الحسن إذا قدر عليه صاحبه . فقد دلت الآية على اللباس الرفيع من الثياب والتجمل بها في الجمع والأعياد وعند لقاء الناس والمزاورة . وعن عائشة قالت : " كان نفر من أصحاب رسول الله ( ص) ينتظرونه على الباب فخرج يريدهم وفي الدار ركوة فيها ماء فجعل ينظر في الماء ويسوى لحيته وشعره فقلت يا رسول الله وأنت تفعل هذا ؟ قال : نعم إذا خرج الرجل إلى إخوانه فليهيئ من نفسه فإن الله جميل يحب الجمال ". ولكى ينجح الانتاج لابد من توفر العوامل التالية :
1/ التشغيل الكامل للموارد ورفض أى بطالة فى عنصر العمل أو إهدار للموارد (عناصر الانتاج الأخرى ) بتبزيرها أو عدم استغلالها الاستغلال الامثل لانتاج الطيبات . مع اأخذ فى الاعتبار للوضع البيئى . لضمان انتاج مستدام .
2/ حرية التنافس الانتاجي وعدم إحتكار مجالات إنتاجية لفئة دون فئة حتى لا يؤدي إلى ضياع المصالح العامة .
3/ التوظيف العلمي والتكنولوجي والاستفادة من أفكار وخبرات المجتمعات الأخرى بما يتناسب مع خصوصيات المجتمع المسلم ومصالحه وأهدافه .
4/ الاعتماد على الذات . فالمنهج الإسلامي يسعى لتفجير الطاقات الكامنة باعتبارها السبيل الوحيد للوفاء باحتياجات الأمة . قال رسول الله (ص): (ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده) . فالاعتماد على الذات يبعد الأمة عن التبعية الاقتصادية ومخاطرها .
5/ الاستقرار السياسى والاجتماعى هو الذى يهييء الطريق لتحقيق الانتاج المستهدف . قال تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فانقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون) الحسبة للرقابة الانتاج والتوزيع ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) .
سابعاً : الوسطية فى الانفاق :-
الانفاق هو : " صرف المال فى السلع والخدمات الاستهلاكية أو الاستثمارية " ولقد نهى الاسلام عن صرف المال بغير حق . أو صرفه في ترف أو سفه . ووصف المترفين بالمجرمين بقوله تعالى (وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ ) . فالترف والبذخ تصرف بالمال في غير محله، فهو يثير الحقد والبغضاء بين الناس وقد ربط الإسلام بين الترف والفساد فقال تعالى (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) . ولكن هذا لا يعني أن الإسلام يريد من الفرد المسلم أن يعيش عيشة المشقة . (ياأيها الناس كلوا مما فى الارض حلالً طيباً.. ) ( ياأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات مارزقناكم ) . والانفاق شرعا هو : " بذل المال ونحوه في وجه من وجوه الخير " . فشرط الانفاق فى الاسلام أن يكون في وجوه الخير أما إذا كان الانفاق في غيره ، فهو إسراف . سوء كان انفاق الأشخاص أو الدولة . لان الأصل في الانفاق يكون لجلب مصالح الناس والأمة المعتبرة شرعاً . والانفاق يكون أما انفاق استهلاكي أو انفاق استثماري . سواء كان من قبل الفرد أو الدولة بمخرجاته الدنيوية والاخروية . والانفاق يعتبر من المقومات الأساسية لعملية التنمية الاقتصادية .
ولقد حث الاسلام على الانفاق التطوعي لدوره فى اعادة توزيع الدخول قال تعالى: (وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) . جاء في تفسير القرطبي: قيل أن معنى الآية لا تمسكوا أموالكم فيرثها منكم غيركم فتهلكوا بحرمان منفعة أموالكم . ومعنى آخر ولا تمسكوا فيذهب عنكم الخلف في الدنيا والثواب في الآخرة . ويقال لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة يعني لا تنفقوا من حرام فيرد عليكم فتهلكوا . فمدلول هذه الآية أن الانفاق في سبيل الله سبب لنجاة الأمة من الهلاك .
والانفاق إنماء للثروة ودفع لعجلة النمو الاقتصادي ومضاعفته . قال تعالى: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ). جاء في تفسير القرطبي قيل المراد بالآية : الحث على الصدقة وانفاق الأموال على الفقراء والمحتاجين والتوسعة عليهم في سبيل الله بنصرة الدين . كما أن هذا الثواب ليس قاصر على ثواب الآخرة وإنما يتحقق النماء بصورة مادية في الحياة الدنيا في صورة ارتفاع الدخل القومي باضعاف مضاعفة .. ويتحقق ذلك عندما يباركها الله تعالى كما ورد فى الآية : (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) .
ومن ضوابط الانفاق فى الاسلام أن يتم وفق الاسس والاصول المعتبرة شرعاً كمصارف الزكاة والصدفات والنفاقات والكفارات الموجهة نحو الفقراء والمساكين . وإدارة مصارف الاوقاف وموارد الدولة الضريبية وغير الضريبية . كما يتم تخطيط الانفاق على المصالح حسب أولوياتها سواء الانفاق الاستثماري أو الاستهلاكي . ومن هنا يجب على الدولة أن تقدم المشاريع الاستثمارية والبنى التحتية بحسب الأولويات في سد الحاجات . فالمعيار الرئيسي لكافة مخصصات الانفاق يجب أن يتبع قاعدة (التصرف على الرعية منوط بالمصلحة) . ومن هنا فلا يجوز للدولة الانفاق على البنى التحتية الكمالية والتحسينية قبل سد حاجة الناس الضرورية أو استثمار الأموال في إنتاج الكماليات وترك الضروريات . وإزالة المشقة والضرر أولى من جلب المنفعة والراحة .
والمقصود بالتوسط فى الانفاق الترشيد . فالترشيد يكون عن طريق الاعتدال والتوسط في عملية الانفاق قال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) . جاء في تفسير القرطبي: أن من أنفق في غير طاعة الله فهو الإسراف ومن أمسك عن طاعة الله عز وجل فهو الاقتار . ومن انفق في طاعة الله تعالى فهو القوام . وقال ابن عباس من انفق ألف في حق فليس يسرف . ومن انفق درهماً في غير حقه فهو سرف . ومن منع من حق عليه فقد قتر) . فالترشيد يصين الأموال ولا يصرفها إلا في وجوهها المعتبرة شرعاً . قال تعالى: (وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً) . جاء في تفسير القرطبي: (السفهاء هم الاولاد الصغار لا تعطوهم اموالكم فيفسدوها وتبقوا بلا شيء . وقوله تعالى ولا تؤتوا السفهاء اموالكم يعني الجهال بالاحكام) .
ومن اشكال الوسطية فى الاستهلاك الحض على الانفاق الاستهلاكي والاستثماري . علي أساس أن الإنفاق هو في حقيقتة الناتج الكلي . وبدون إنفاق لا يتصور وجود أسواق وبالتالي لا يتولد إنتاج . فالحض علي الإنفاق بمكوناته وضوابطه ، إذن حض علي الإنتاج والكسب أي دفع العجلة لإعمار الأرض . وكذلك الوسطية تدعو لربط العلاقة بين الموارد والسكان و استخدام هذه العلاقة بالتخطيط لتوفير حد الكفاية للسكان كافة من الموارد المتاحة ومعرفة كيفية استخدام الوسائل العلمية والفنية الحديثة في الانتاج والاستهلاك . دون تبزير للموارد . والله تبارك وتعالى يزم اقواماً مبزرين فى قوله : (أتبنون بكل ريع آية تعبثون * وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون ) . قال الزمخشرى فى " الكشاف" : تبنون بكل ريع بروج الحمام والمصانع مآخذ الماء وقيل القصور المشيدة والحصون لعلكم تخلدون في الدنيا .


ثامناً : المعاملات الشرعية فى الاسواق :-
إن وفرة الإنتاج تتوقف على تبادل المنتجات في الأسواق . وأهمية التبادل فى الاسلام تأتى نتيجة لان الله تعالى جعل الناس مختلفين في المواهب والقدرات والاستعدادات فقال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ ) . كذلك فإن الخالق جل شأنه خلق الموارد الطبيعية مختلفة كماً ونوعاً من مكان إلى آخر قال تعالى (وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ ) . ومن هنا نجد أهمية التبادل في الاقتصاد الإسلامي القائم أساساً من اجل معالجة ظاهرة الاختلاف فى المواهب والقدرات ، والاختلاف فى الموارد . لتحقيق التكامل والتعاون بين المجتمع فتتوفر السلع والخدمات وتتسع الاسواق . فالتبادل يزيد المال وينميه . فالاسواق مكان التبادل (المعاملات ) . أى مكان إلتقاء البائعين والمشترين . مكان توفر المنافع قال تعالى Sadوَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * ليشهدوا منافع لهم * ) . ويتم نشاط تبادل المنافع بين أفراد المجتمع من خلال السوق الاسلامية والتي تقوم علي أساس آليات المنافسة الصافية التي تؤدى إلي زيادة الإنتاج وتحسين نوعية المنتجات من خلال المعاملات المالية الشرعية العادلة ، والمشاركات الأستثمارية الواضحة وفي جو من البر والتقوي والتواصي والتناصح والرقابة والتوجيه . فالسوق الاسلامية لا تعرف التطفيف قال تعالى : (ويل للمطففين * الذين إذا إكتالوا علي الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون) . ولا تعرف الأحتكار . ولا تعرف البخس ..قال تعالى : (ولا تبخسوا الناس أشياءهم) . بل تقوم علي معايير القيمة العادلة فى ظل تفاعل قوي العرض والطلب . وهنالك قواعد شرعية للتبادل والمعاملات المالية والتجارية أهمها :-
أ/ تحريم الربا : فقال تعالى (وأحل الله البيع وحرم الربا) .. (يمحق الله الربا ويربى الصدقات ..) (يايها الذين امنوا اتقوا الله وذروا مابقى من الربا ان كنتم مؤمنين ) .
ب/ العلم والفقه بطرق المعاملات والتبادل وفق ماجاء فى الاسلام . أى أن يتعلم كل صاحب مهنة أو عمل ما يتعلق بجانب عمله من الأحكام الشرعية المرتبطة بمجاله وكذلك العلم بالجوانب العملية من خبرات ومهارات وتعاليم . فقد روى أن عمر بن الخطاب قال: (لا يبيع في سوقنا إلا من قد تفقه في الدين) وقال تعالى (قال اجعلني على خزائن الأرض اني حفيظ عليم) فجعل العلم بوضع الخطط والاجراءات والتبادل ووسائل الحفظ والامانة من أهم المتطلبات لكل عمل ومهمة يقوم بها صاحب من يتولى امر من امور الأمة وفي أي جانب من جوانب الحياة .
ج/ الالتزام بالمبادلات التى أحلها الله من سلع وخدمات (الطيبات من الرزق ) والابتعاد عن المحرمات والخبائث قال تعال (والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه والذى خبث لايخرج الا نكدا ..) (يايهاالذين أمنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين ) .
د/ تحري الصدق والامانة وحسن التعامل: قال (ص) " التاجر الصدوق الامين المسلم مع الشهداء يوم القيامة " . وقال (ص) مخاطبا تجار المدينة (أن التجار يبعثون يوم القيامة فجار إلا من اتقى وبر وصدق) . (وإن كان ذوعسرة فنظرة إلى ميسرة ..) ( ياايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )
هـ/ تحريم أكل الأموال بطرق غير شرعية من غش وتدليس وغرر ورشوة وغيرها قال تعالى: (ولاتاكلوا اموالكم بينكم بالباطل ..) . وفي الحديث يقول الله تعالي : (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطي بي ثم غدر ورجل باع حراً فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيراً فاستوفي منه ولم يعطه أجره) ( .. وافوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس اشياءهم ولاتفسدو فى الارض بعد اصلاحها )
و/ المكاتبة فى التجارة والديون . قال تعالى : (ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى اجل مسمى فاكتبوه ..)
ز/ التقوة فى المبادلات والوفاء بالعهود . قال تعالى : (بلى من اوفى بعهده واتقى فان الله يحب المتقين ) (ان الله يامركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل )
ح/ النهى عن كل البيوع المنهى عنها كالنجش والمنابذة والملامسة وتلقى الركبان وبيع الحاضر للباد بيع الغرر وغيرها .
ط/ الرقابة على التبادل فى الاسواق . وتقوم به الدولة ممثلة فى وظيفة المحتسب أى في ولاية المظالم .

تاسعاً ً: العدالة الاجتماعية :-
ولتحقيق مبدأالعدالة الاجتماعية يجب ان يتضامن كل من الدولة والأفراد فى ذلك . فالدولة تقوم بوضع أسس للتوزيع العادل للدخل والموارد . والأفراد يقومون بالتكافل الاجتماعى فيما بينهم لتقليل حدة التفاوت فى الدخول بينهم فيقدم الغنى العفو للفقير .
أ/ مبدأ التوزيع العادل للثروة والدخل :-
الدولة فى الاسلام معنية بتحقيق العدالة الاجتماعية فى المجتمع المسلم . وهى تسعى لتحقيق ذلك عن طريق التوزيع العادل للدخل على أفراد المجتمع لضمان حد الكفاية لكل فرد . وهذا لا يتم إلا من خلال توزيع عادل للثروات على كافة أفراد المجتمع وتمكينهم من استغلال هذه الثروات حتى يتحصلوا على الدخل الحقيقى . أى الحصول على السلع والخدمات المادية والروحية التى تغطى حاجاتهم الضرورية . وهذا يحتاج إلى تطبيق تنمية شاملة ومتوازنة والوصول إلى تشغيل كامل للموارد وعدم أهدارها .
ب/ مبدأ التكافل الاجتماعى بين أفراد المجتمع :-
ينظر الاسلام للمجتمع المسلم بوصفه وحدة متماسكة متعاونة تقوم على المحبة والاخاء والتعاون ليكون مجتمعاً مثالياً ولذلك عمل على تطهير النفس البشرية من الانانية وحب الذات ، وزرع فيها قيم الاخوة والمحبة والتكافل والتراحم وهى مشاعر نبيلة تجعل الناس يحسون آلام الآخرين ويلمسون حاجتهم فيتنازلون عن حصة من اموالهم لخدمة هؤلاء الناس مما يعود عليهم بالخير والنفع قال تعالي (إنما المؤمنين إخوة) . ومن الآيات التى حثت على الانفاق بكافة صوره قال تعالى : (انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والقارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ) . وقال تعالى Sad ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فألئك هم المفلحون) . قال تعالى : (ياأيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما رزقناكم ومما أخرجنا لكم من الأرض ) (إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم ..) ( لن تنالوا البر حتي تنفقوا مما تحبون وماتنفقوا من شئ فان الله به عليم )
ومن الاحادث التى حثت على الانفاق . الحديث " من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب وإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل . و حديث عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال " كان رسول الله ( ص) إذا أمرنا بالصدقة انطلق أحدنا إلى السوق فتحامل فيصيب المد وإن لبعضهم اليوم لمائة ألف " الحديث " سأل رجل النبي ( ص) عن أي الصدقة أعظم أجرا قال : " أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان ". والحديث : قال رسول الله (ص) " لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة لعامل عليها أو لغاز في سبيل الله أو لغني اشتراها بماله أو فقير تصدق عليه فأهداها لغني أو غارم ." والحديث عن النبى (ص) قال : " على كل مسلم صدقة فقالوا يا نبي الله فمن لم يجد قال يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق قالوا فإن لم يجد قال يعين ذا الحاجة الملهوف قالوا فإن لم يجد قال فليعمل بالمعروف وليمسك عن الشر فإنها له صدقة " .
إن تحقيق العدالة الاجتماعية يعنى التوازن فى توزيع الدخل بعدالة بين فئات المجتمع والوصول للكفاية من الحاجات الضرورية لكل فرد فى المجتمع . ولايتم ذلك إلا بتضامن الفرد والمجتمع والدولة . حيث يسهم فيه الاغ
Admin
Admin
Admin

عدد المساهمات : 322
تاريخ التسجيل : 18/10/2011
العمر : 50
الموقع : www.facebook.com/dimatanmia.dt

https://dimatanmia.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى